إعلان

بالصور - الكهف العجيب وأسرار مدينة الذئب في جبل أسيوط الغربي

01:47 م الإثنين 19 مايو 2025

تقريرـ محمود عجمي:

على بعد خطوات من كوبري سيدي الأربعين، وفي قلب منطقة تُعرف محليًا باسم "الهجانة" بمحافظة أسيوط، تقبع مغارات أثرية منحوتة في صخور جبل أسيوط الغربي، حاملة بين جدرانها الشاهقة ونقوشها الغامضة أسرارًا ضاربة في عمق التاريخ.

على مقربة من كوبري سيدي الأربعين، وفي منطقة "الهجانة" بأسيوط، يقع جبل أسيوط الغربي الذي يحتضن في جوفه مغارات أثرية منحوتة بدقة في الصخور. هذه المقابر الصخرية، التي تعود إلى عصور الفراعنة، تحديدًا حكام الإقليم الثالث عشر من أقاليم مصر العليا وعاصمتهم "سيوت" (أسيوط حاليًا)، تُعد من أبرز الشواهد الأثرية على عراقة المنطقة وأهميتها التاريخية.

تُعرف المنطقة باسم "الهجانة" في إشارة إلى استخدامها كمخازن للأسلحة، ويُعتقد أن هذه المغارات لعبت دورًا استراتيجيًا في عصور متعددة، بدءًا من الدولة الفرعونية مرورًا بالعصور الإغريقية والرومانية، ووصولًا إلى عهد محمد علي، حيث يُرجح أنها كانت مواقع لتخزين الأسلحة والتجهيزات العسكرية، ما يضفي عليها طابعًا غامضًا وارتباطًا وثيقًا بالتاريخ العسكري المصري.

غير أن هناك رواية أخرى تضفي بُعدًا أثريًا مختلفًا على هذه المغارات، إذ تشير إلى أنها قد تكون مقبرة "جفاي حابي الأول"، حاكم إقليم "ليكوبوليس" – الاسم القديم لأسيوط في العصرين البطلمي والروماني. وتُعد هذه المقبرة من أكبر وأهم المقابر غير الملكية في مصر، وتتميز بجدرانها المزينة بنقوش ورسومات ملونة تعكس براعة الفن المصري القديم.

وتُعد المقابر المنحوتة في جبل أسيوط الغربي من أبرز المعالم الأثرية التي تعكس عراقة محافظة أسيوط، إذ تعود هذه المقابر إلى حكام الإقليم الثالث عشر من أقاليم مصر العليا في العصور الفرعونية، وكانت عاصمته آنذاك مدينة "سيوت"، المعروفة حاليًا باسم أسيوط.

ويُعد الإله "وب-واوت"، الذي يُجسد في هيئة ذئب، المعبود الرئيسي لهذا الإقليم، وقد ارتبط اسمه بمدينة أسيوط ارتباطًا وثيقًا، حتى أن الإغريق أطلقوا عليها اسم "ليكوبوليس"، أي "مدينة الذئب"، في إشارة إلى هذا الرمز المقدس.

ولا تقتصر أهمية جبل أسيوط الغربي على هذه المغارات فقط، بل يضم أيضًا معالم دينية وتاريخية بارزة، من بينها "أسطبل عنتر" أو "كهف الأسطبل"، ومقابر للمسلمين والمسيحيين، بالإضافة إلى دير السيدة العذراء مريم في درنكة، أحد أبرز المزارات الدينية في صعيد مصر، والذي يحمل في طياته قصصًا روحية وتاريخية متوارثة عبر الأجيال.

يكشف راغب عبد الحميد خلف الله، كبير الأخصائيين الأثريين بالمجلس الأعلى للآثار سابقًا، في تصريحات خاصة لـ"مصراوي"، عن الأهمية التاريخية والأثرية لمقابر جبل أسيوط الغربي، التي تعود لحكام الإقليم الثالث عشر من أقاليم مصر العليا، وكانت عاصمته مدينة "سيوت" – الاسم القديم لأسيوط.

وأوضح أن المعبود الرئيسي لهذا الإقليم كان الإله "وب-واوت"، الذي يُجسد في هيئة ذئب، وهو ما دفع الإغريق إلى إطلاق اسم "ليكوبوليس" – أي "مدينة الذئب" – على أسيوط، في إشارة إلى هذا الرمز المقدس.

وتُعد مقبرة الأمير "جفاي حابي الأول" من أبرز المعالم الأثرية في جبل أسيوط الغربي، وهي واحدة من أكبر وأهم المقابر غير الملكية في مصر القديمة. وقد نُحتت هذه المقبرة خلال عصر الملك سنوسرت الأول من الأسرة الثانية عشرة في الدولة الوسطى، وتُظهر النقوش داخلها أن الأمير كان شخصية بارزة، حيث أبرم عقودًا مع كهنة معبدي "وب-واوت" و"أنوبيس"، وموظفي الجبانة، لضمان إقامة الشعائر الجنائزية له بعد وفاته.

وأضاف تقع المقبرة في المستوى الثاني من الجبل، وتُعرف محليًا باسم "إسطبل عنتر" أو "كهف الأسطبل"، ويبلغ طولها أكثر من 55 مترًا، وتضم حجرات منحوتة في الصخر بارتفاع يصل إلى 11 مترًا، وقد صُممت على طراز المعابد الفرعونية. وتتميز جدرانها وأسقفها بزخارف ملونة تحاكي مشاهد الحياة اليومية، وتزين الأسقف نقوش سماوية على هيئة نجوم، لا تزال واضحة رغم تهدم أجزاء منها.

وأوضح راغب، أن الدكتور يوخيم كال، عميد معهد الآثار والحضارة بجامعة برلين ورئيس البعثة الأثرية المصرية الألمانية المشتركة، أكد أن أعمال البعثة في منطقة جبل أسيوط الغربي بدأت منذ عام 2003، بهدف توثيق وتسجيل الآثار الموجودة في ما يُعرف بجبانة الإقليم الثالث عشر من أقاليم مصر العليا.

وأشار راغب إلى أن البعثة الأثرية المصرية الألمانية المشتركة، أعلنت في موسمها الأخير في أكتوبر 2024 عن اكتشاف حجرة دفن لابنة الأمير "جفاي حابي"، وتُدعى "إيدي"، على عمق 15 مترًا داخل أحد آبار الدفن. وقد عُثر داخل الحجرة على تابوتين مزخرفين بالكامل بنصوص من "كتاب الموتى"، بالإضافة إلى تماثيل خشبية وصندوق للأواني الكانوبية. وأظهرت الدراسات أن "إيدي" توفيت قبل سن الأربعين وكانت تعاني من عيب خلقي في القدم.

وأكد أن البعثة بذلت جهودًا كبيرة في ترميم وتوثيق المقبرة، حيث تم إنشاء طريق وسلالم تؤدي إليها، ضمن مشروع تطوير شامل أطلقته وزارة الآثار لفتح المقبرة أمام الزائرين، لتكون بداية لفتح باقي المقابر الأثرية المنتشرة بجبل أسيوط الغربي.

ويُعد جبل أسيوط الغربي من أهم المواقع الأثرية في صعيد مصر، إذ يضم مجموعة من المقابر الصخرية لحكام الإقليم الثالث عشر خلال عصري الدولة القديمة والوسطى، ويعكس أهمية أسيوط كمركز ديني وإداري بارز في مصر القديمة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان